الأخ م.ع.أ
جرى العرف على أن تنشئة الطفل , وخاصة في الفترة المبكرة من حياته هي مهمة الأم فقط وقد يكون صحيحا أن الجزء الأكبر من التنشئة يقع على عاتق الأم خصوصا في الأشهر الستة الأولى من حياة الطفل ولكن أصول التنشئة السليمة تقضي بأن يكون للأب دوره أيضا وبعبارة أخري يمكن القول بأن تنشئة الطفل مهمة ومسئولية مزدوجة، لكل من الأم والأب دور فيها ، ومن الطبيعي أن يختلف دور كل منهما كما وكيفا وفقا لمرحلة النمو التي يمر بها الطفل .
ودور الأب حيوي وهام للطفل خاصة بعد السنة الثالثة من العمر . وما إذا لم يقضي الأب بعض الوقت مع أطفاله ، متحدثا إليهم وملاعبا لهم ومصاحبا إياهم في بعض النزهات فانهم لن يستطيعوا أن يتعلموا منه أو يرتبطوا به ارتباطا وثيقا وعميقا يؤثر على تكوين شخصياتهم وتكوين سماتهم الرئيسية الهامة .
كما أن هناك ملاحظة أخرى وهي أن الأب مهما يكن هادئا ورقيقا فانه يمثل بالنسبة للطفل السلطة ، والطفل يحتاج نفسيا إلى وجود السلطة في حياته لأنها تساعده على تمثل القيم والمفاهيم السائدة في المجتمع الذي يعيش فيه والتي تكفه عن الانطلاق وراء نزوات الطفولة وأهوائها ، أي أن هذه السلطة تساعده
على اكتساب التنظيم الداخلي اللازم لعمليات التكيف الاجتماعي من ناحية و تكوين الاستقرار النفسي من ناحية أخرى ، وعدم وجود هذه السلطة ، أو ممارستها بطريقة خاطئة من أهم العوامل التي تبعد الطفل عن الطمأنينة وتبذر في نفسه بذور القلق . وكذلك فان الطفل يحتاج إلي الحنان من الأب وقد تعودنا أن نسمع أن الأم هى مصدر الحنان للطفل ولكن ظهر من الدراسات أن حنان الأب لازم لصحة الطفل النفسية مثل حنان الأم .
ولذلك نود أن نقرر أن إظهار الحنان للأطفال خصوصا الذكور منهم لا يتعارض مع نمو الإحساس بالرجولة لدى الصغار بل العكس هو الصحيح . إن الصبي الذي يلقى الحنان صغيرا يلقى مع الحنان الإشباع لحاجة نفسية ملحة هي حاجته أن يشعر بأنه مقبول ومرغوب ومحبوب ، ومتي لقيت هذه الحاجة الإشباع فأن الطفل سيشب وهو لا يطيق أن يرى الحرمان الذى يعانى منه الغير، وسيعمل جاهدا على مكافحة هذا الحرمان ، وسيشب على وجدان اجتماعي يتلخص في صفة الشهامة ، والشهامة من أهم صفات الرجولة .
إن الشدة والخشونة في معاملة الأطفال لا تفيدهم ولا تجعلهم كما يظن بعض الآباء أكثر قدرة على مقابلة أعباء الحياة ومتاعبها .